2 الدين و الدولة – العلمانية والدين

العلمانية هي في المبدأ فصل عقائدي ووظيفي بين الدين والدولة , ولا يمكن ان تكون العلمانية حرب من الدولة لإلغاء الدين، أو العكس حرب من الدين لاحتلال الدولة

ولكن هل عملية فصل الدين عن الدولة حقيقة ممكنة ؟ أم أنها خيال أ وحبر على ورق يتحجج به الغاضبون والناقمون على الدين من جهة ؟ أو المستنفدون من الدين من جهة اخرى؟

 

1- في المبدأ: خصائص الدين تختلف كليا عن خصائص الدولة وهدف الدين يختلف تماما عن هدف الدولة:

– من حيث المصدر الدين مصدره الله أو تدخل الله من خلال البشر,
أما الدولة مصدرها ألإنسان والمجتمع البشري.

– عملية الانتماء الى الدين تنظم من قبل سلطة دينية من خلال طقوس وقوانين دينية ,
اما عملية الانتماء الى الدولة تنظم وفق قانون بشري تضعه الدولة.

– الهدف من الدين , هو الخلاص الأبدي او الحياة الأبدية أو الراحة الروحية وما بعد الموت ,
أما الهدف من الدولة وتنظيماتها هي ضمان رفاهية الإنسان ما قبل الموت .

–  تبقى وسيلة الدين هي ألإقناع والتبشير أو الجهاد والتعليم , والحرمان , والغفران , وممارسة الطقوس الدينية ,
أما وسيلة الدولة هي القانون والتنظيمات والعقوبات والمكافأة… .

–  في الدين الفرد هو مؤمن وتختلف درجة ممارسته
اما في الدولة الفرد هو مواطن وتختلف درجة انتمائه.

 

2- في الواقع: هناك دول كثيرة وبالأخص دول أكثرية سكانها من المسيحيين خاضوا تجربة فصل الدين عن الدولة , ونجحوا في تطبيق العلمانية

– كندا مثلا : طبقت العلمانية واستطاعت فصل الدين عن الدولة بعد ثورات سلمية استطاعة من بعدها الفصل بين الاثنين , فهي من جهة كدولة علمانية تحترم جميع الأديان ولو كانت اقليه , ومن جهة اخرى لم تتأثر الدولة الكندية , ولو كانت أكثرية سكانها من المسيحيين , بشعارات وتعليمات الكنائس المسيحية:
(مثلا:  أغلبية الكنائس المسيحية إن لم نقل بأجمعهم ترفض وتمنع العلاقات والزواج بين المثليين وتعتبرها شذوذا وخطأ, كما يحرمون الإجهاض ,
أما الدولة الكندية فتسمح العلاقات بين المثاليين وتنظم الإجهاض)

اذا من حيث المبدأ مصدر الدين وأساس الدين وهدف ووسيلة الدين تختلف عن مبدأ الدولة .

برأيي ان الدين هو ثقافة شخصية أولا, وجماعية في المرتبة الثانية ( والتي لا تقل أهميه عن الأولى)
ثقافة جد مترفعة عن الشؤون الزمنية اليومية والأمور السياسية , فيبقى الدين جوهر روحاني و مصدر أخلاقي ينعكس في المجتمع وتنظيمات المجتمع وليس هو القانون لتنظيم المجتمع , ولا يجب أن يدخل في سياسة حسابات المجتمع اليومية.

أما من حيث الواقع نجحت كثير من الدول في تطبيق العلمانية وفي الفصل بين الدين والدولة ,وقد وصلت إلى حد احترام الأديان والمحافظة على حقوق الفرد في الانتماء والحياة, رغم بعض “الأخطاء” نذكر منها “تأليه ألإنسان” , أو التوجه نحوى “المادية ” والتي ليست هي الا رد فعل على بعض الأخطاء التي نتجت عن الممارسة الدينية ومزج الدين بالدولة.

 ROGER CORTBAWI   روجيه قرطباوي